استخدام الذكاء الاصطناعي في الزراعة حل مبتكر لأضرار التغيرات المناخية

استخدام الذكاء الاصطناعي في الزراعة حل مبتكر لأضرار التغيرات المناخية

تُعد التغيرات المناخية التحدي الرئيسي الذي يواجهه العالم اليوم، ويتأثر بها بشكل سلبي قطاع الزراعة وقدرته على إنتاج محاصيل غذائية كافية لتلبية احتياجات السكان المتزايدة. 

من المتوقّع أن يشهد عدد سكان العالم ارتفاعاً كبيراً بحلول عام 2050، حيث سيصل لقرابة 10 مليارات نسمة بحسب منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو). 

ومع هذه الزيادة، هناك حاجة إلى طرقٍ جديدة للإنتاج في الزراعة من أجل تلبية الاحتياجات الغذائية. 

ووفقاً لتقرير نشرته "الفاو"، تلعب التقنيات الرقمية وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي دوراً مهماً في تعزيز القدرة على إنتاج الغذاء، وتسهيل الاستخدام الفعّال للموارد الطبيعية، بما يساعد في تحسين المحاصيل والأصول الزراعية، بل وتوفير الوقت وتكاليف العمالة وغيرها.

وبينما يكافح المزارعون لمواجهة هذه التحديات، يظهر الذكاء الاصطناعي كحل مبتكر وفعال في مكافحة أضرار التغيرات المناخية على الزراعة، حيث تعتمد تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الزراعة على استخدام البيانات المحصولة من الحقول وأجهزة مراقبة البيئة والأقمار الاصطناعية لتحليل المعطيات وتوفير توصيات مبنية على البيانات. 

يعتبر نظام GPTGO (googpt) واحداً من أهم التطبيقات الحديثة للذكاء الاصطناعي في قطاع الزراعة. 

يعد GPTGO أكبر محرك بحث في عالم الزراعة الذي يدمج تقنية تعلم الآلة لإعطاء إجابات دقيقة وشاملة للمزارعين والباحثين وكل من يعمل في هذا المجال. 

يستخدم GPTGO الشبكات العصبونية العميقة والنماذج التنبؤية لتحليل البيانات الزراعية والاستدلال على التوجهات الجديدة وتوفير الحلول للمشكلات المستمرة، عن طريق تحليل كميات ضخمة من البيانات الزراعية الخاصة بالأراضي والمحاصيل والظروف المناخية، يقدم GPTGO توصيات متخصصة لتحسين عمليات الزراعة وزيادة الإنتاجية، ويمكن للمزارعين معرفة أفضل أوقات الزراعة ونوع البذور المناسبة وكمية الماء والأسمدة المطلوبة وغيرها من العوامل المهمة لنجاح المحصول.

وتعكس التجارب الميدانية للاستخدام الذكي للذكاء الاصطناعي في الزراعة نتائج مشجعة، حققت بعض المزارع الذكية زيادة في الإنتاجية بنسب تصل إلى 30% وتحسيناً في جودة المحاصيل وتقليلاً في استخدام الموارد المائية والأسمدة. 

يفتح هذا النهج الجديد في الزراعة أبواباً لمستقبل مستدام وفعال لتلبية تحديات تغير المناخ والأمن الغذائي، بحيث يمثل استخدام الذكاء الاصطناعي في الزراعة نقلة نوعية تعطي فرصة لتحسين الأداء الزراعي والتكيف مع التحديات المناخية المستمرة. 

ويتوقع خبراء ومحللون أن يزداد اعتماد تلك التكنولوجيات في المستقبل، وبالتالي ترقية الزراعة إلى مستوى أكثر استدامة وفعالية، وضمان توفير الغذاء الكافي لسكان الكوكب المتزايد.

 "جسور بوست" تناقش مع خبراء ومتخصصين دور الذكاء الاصطناعي في عمل نهضة زراعية تواجه آثار التغيرات المناخية.

لنتحدث عن بعض أفضل تطبيقات الذكاء الاصطناعي | Tinkerly

مراحل الزراعة بالذكاء الاصطناعي

وفقاً لتقرير نشرته منظمة "الفاو" فإن الذكاء الاصطناعي يمكن استخدامه في جميع مراحل الزراعة وهي كالتالي:

تحضير التربة

يتيح الذكاء الاصطناعي من خلال بيانات أجهزة الاستشعار الموضوعة في التربة، أو صور الهواتف الذكية إمكانية اكتشاف عيوب التربة، والتعرّف على نقص المغذّيات فيها. 

ومن الأمثلة التطبيقية على ذلك نذكر "بلانتكس" (Plantix) وهو تطبيقٌ يتيح للمزارعين تحديد مقدار ونوع المواد العضوية التي ينبغي إضافتها لجعل التربة مناسِبة لمحاصيل معيّنة.. بالإضافة إلى أنه يقدّم النصائح على شكل فيديوهات وذلك بحسب الحالة التي تواجه المزارعين.. وجديرٌ بالذكر أنّ التطبيق متاح في 18 لغة بينها اللغة العربية.. ومع أداة "فارم بيتس" (Farm Beats) من شركة "مايكروسوفت"، ما على المزارعين سوى التقاط صورة من خلال هواتفهم ثم تحميلها، وبعد تقييم المشكلة، يتمّ تزويد المزارعين بالحلول التي تساعدهم في تحسين نوعية التربة وكميتها.

وضع البذور

يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة المزارعين على تحديد الأماكن الأنسب لزرع محاصيل معينة وذلك بناءً على الخصائص الجغرافية للحقل، أو التركيب الكيميائي للتربة وغيرها. 

كيف يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي في تطوير الزراعة التقليدية؟ | إم آي تي  تكنولوجي ريفيو

ويتمّ ذلك من خلال تحليل الصور التي توفرها الطائرات بدون طيار، كما بإمكان المزارعين استخدام أدوات تخطيط المحاصيل مثل "eAgronom" لتحديد مقدار كل محصول تحتاج المزرعة لزرعه في البيوت الزراعية، ومتى يجب زرع المحاصيل، وما إلى ذلك. 

وعلى الرغم من أنّ خطة المحاصيل الشاملة تتجاوز عملية وضع البذور، فإنه لا يزال من الجيد معرفة أنه باستخدام مثل هذه الأدوات يمكن للمزارعين تقليل استهلاك مبيدات الأعشاب والأسمدة بنسبة تتراوح بين 25% و35% بالإضافة إلى زيادة المحصول بنسبة تصل إلى 4%.

كما يستطيع الذكاء الاصطناعي فحص صور البذور ومقارنتها بصور البذور الصحية قبل بدء عملية الزرع.

حيث تحدّد خوارزميات التعلّم الآلي الخاضعة للإشراف جودة البذور وتصنيف المحاصيل التي تراها.

وباستخدام هذه البيانات، يمكن توجيه روبوتات الزراعة مثل آلة فرز البذور ذات الرؤية الحاسوبية التي طورتها خدمات البحوث الزراعية في وزارة الزراعة الأمريكية، لتصفية البذور دون المستوى، أو فرز البذور إذا اختلطت مع بعضها.

التسميد

يعمل الذكاء الاصطناعي من خلال الاستعانة بمجموعات البيانات (Datasets) على التحقّق من الآثار البيئية لاستخدام كميات وأنواع مختلفة من الأسمدة. 

كما يمكن الاعتماد عليه في تحديد الجرعات المناسبة، والتقليل من التأثير السلبي على المحاصيل.

تفوق عربي

يقول مدير عام اقتصاديات التنوع البيولوجي بوزارة البيئة، البيلي حطب، إن الذكاء الاصطناعي لديه القدرة على مضاعفة الإنتاج الزراعي وهو أداة قوية في مواجهة التغيرات المناخية، والعرب متفوقون في مجال الزراعة تحديد، ولدينا قطاع الزراعة الآلية به إمكانيات تكنولوجية عالية جداً، هذا القطاع يساعد المستثمرين في استصلاح الأراضي الزراعية، وتحليل متبقيات الهرمونات في المنتج الزراعي النهائي الذي يتم تصديره، وكذلك تستخدم في إنتاج الأسمدة والمخصبات المبيدات، وإنتاج التقاوي والري الحديث، وكل هذا تم العمل عليه في مصر وغالبية الوطن العربي مما يؤهله لحدوث طفرة زراعية.

وأضاف في تصريحات لـ"جسور بوست": يتم استخدام أفضل ما توصل إليه العلم في تطوير الزراعة في مصر، ولدينا الإدارة المركزية للعلاقات الخارجية تمثل هذه العلاقة ويتم تدريب الإخوة العرب والأفارقة من خلال مركز التدرب المصري التابع للإدارة السابقة، وتأتي وفود كثيرة إلى مصر لتدريبها، ولدينا مزارع مصرية موجودة في إفريقيا تقوم على أحدث ما أنتجه العلم من أدوات للنهوض بالزراعة ومقاومة المناخ أيضاً، كل هذا بهدف إحداث طفرة زراعية لدى إخواننا العرب والأفارقة.

مدير عام اقتصاديات التنوع البيولوجي بوزارة البيئة، البيلي حطب

واستطرد: لدينا توجيهات وزارية صريحة بضرورة وأهمية التعاون العربي في هذا المجال، إلى وجود الجانب البحثي بقوة، وعلى أرض الواقع نصدر إلى الدول العربية، التي تستورد من مصر العديد من المنتجات منها البطاطس، وهذا العام قاربنا على مليون طن، نصيب الدول العربية منها 20%، وهناك تعاون في إنتاج وتصدير محاصيل أخرى كالعنب والرمان وفلفل الألوان والخضر، وكذلك هناك تعاون في مجال الزراعة بشكل مباشر.

وأتم: يتيح الذكاء الاصطناعي للمزارعين جمع وتحليل البيانات الزراعية، ما يمكنهم من اتخاذ قرارات أفضل وأكثر دقة في زراعة المحاصيل وإدارة الموارد المائية والتحكم في استخدام المبيدات والأسمدة.. بذلك، يمكن تحسين كفاءة استخدام الموارد وتحقيق أقصى قدر من الإنتاجية مع الحد الأدنى من التأثير البيئي. 

وتعتبر الإمارات من الدول العربية الرائدة في مجال الاستثمار في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في الزراعة. قدمت الإمارات العديد من المشاريع والمبادرات التكنولوجية المميزة، مثل مشروع تمكين الزراعة المستدامة ومشروع الزراعة العمودية، للتغلب على قيود الفضاء والموارد المائية المحدودة وزيادة إنتاجية الزراعة، فتجربتهم في هذا المجال تأتي بنتائج مشجعة وتثبت أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون حلاً مبتكراً لتحقيق النهضة الزراعية في المنطقة.  


 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية